لو وقف رجل مسلم أرضه على المساكين أو في الحج عنه في كل سنة أو الغزو عنه أو في أكفان الموتى أو حفر القبور وما أشبه ذلك مما يتقرب به إلى الله تعالى ثم ارتد وقتل أو مات على ردته بطل وقفه وصار ميراثا عنه لحبوط عمله بها والوقف قربة إلى الله تعالى فلا تبقى معها وإن عاد إلى الإسلام لا يعود إلى الوقفية بمجرد العود فإن مات قبل أن يجدد فيه الوقفية كان ميراثا عنه ولو جعلها وقفا على ولده ونسله وعقبه ثم من بعدهم على المساكين ثم ارتد بعد ذلك عن الإسلام فمات أو قتل عليها يبطل الوقف وترجع ميراثا فإن قيل كيف يبطل الوقف وقد جعله على قوم بأعيانهم قلنا يجعل آخره للمساكين وذلك قربة إلى الله تعالى فلما بطل ما يتقرب به إلى الله تعالى بطل الباقي لأنه لما بطل ما جعله للمساكين بارتداده فكأنه وقف ولو يجعل آخره للمساكين وإذا لم يكن آخره لهم لا يصح الوقف على قول من لا يجيزه إلا بجعل آخره لهم وكذلك لو وقف على أهل بيته أو على قرابته أو على مواليه أو على بني فلان أبدا ثم من بعدهم على المساكين فإنه يبطل بموته مرتدا وقف وهو مرتد كان وقفه باطلا لأن أبا حنيفة رضي الله عنه لا يجيز تصرفه في المال الذي في يده حتى لو قتل على ردته أو مات عليها يكون جميع تصرفاته في ماله باطلة والمحفوظ عن أبي يوسف أن بيعه وشراءه واستئجاره ونحوه جائز قال الخصاف ولم يرو عنه فيما يتقرب به إلى الله تعالى شئ نعرفه وقال ألا ترى أنه لو أوصى بعتق عبد له أو أوصى بحج أو بعمرة أو أوصى للمساكين بشئ ان ذلك باطل لا يجوز لأنه لا يملك من ماله شيئا بعد موته فكيف تجوز وصيته بحج أو بغزو أو بصدقة وهو كافر بالذي يتقرب إليه بذلك نسأل الله الثبات على الدين والموت على الإسلام بجاه النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام وعلى آله وأصحابه الأئمة العظام البرره الكرام والحمد لله على التمام