من وجه البر هاهنا وجه فيه تصدق بالغلة على نوع من الفقراء فأما عمارة مسجد أو رباط أو نحو ذلك مما لا يتصور فيه التمليك فإنه لا يجوز صرفها فيه لأن التصدق عبارة عن التمليك فلا يصح إلا على من هو أهل للتملك ولو أنفق المتولي دراهم الوقف في حاجته ثم أنفق من ماله مثلها في مصارفه جاز ويبرأ عن الضمان ولو خلط من ماله بدراهم الوقف مثل ما أنفق كان ضامنا للكل قاله الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل وهذا بناء على القول بأن الخلط استهلاك كما عرف في موضعه والله تعالى أعلم
[[فصل في اشتراط الواقف أن من أحده في الوقف حدثا يريد به إبطاله أو نازع القيم فهو خارج منه]]
لو اشترط الواقف في كتاب وقفه ان من أحدث من أهل الوقف حدثا فيه يريد به إبطاله أو شيئا منه أو أفسده بإدخال يد إنسان فيه فهو خارج من هذه الصدقة ولا شئ له في شئ من غلتها وما كان له منها فهو مردود على من كان من أهل هذه الصدقة معينا على إصلاحها وتصحيحها وثباتها في وجوهها وسبلها الموصوفة في هذا الكتاب كان شرطه جائزا وهو على ما شرط فلو نازع بعض أهل الوقف فيه وقالوا إنما نريد تصحيحه وإصلاحه وقال سائرهم إنما يريدون إبطاله وإفساده وقد شرط الواقف أن من فعل ذلك فهو خارج منه ينظر القاضي إلى أمر المنازعين فيه فإن كانوا يريدون بمنازعتهم تصحيحه وإصلاحه فذلك لهم وهم في الوقف على حالهم وإن كانوا يريدون بها إبطاله أخرجهم منها وأشهد على إخراجهم فإن قالوا ان القيم يظلمنا بمنع حقوقنا وإنما ننازعه في حقوقنا لا في إبطال الوقف ينظر القاضي أيضا فيما قالوه كالأول ولو شرط ان من تعرض لفلان وإلى هذه الصدقة من أهلها ونازعه فهو خارج من هذا الوقف ولا حق له فيه من غير تقييد بإبطال الوقف وإفساده ونازعه بعضهم وقال منعني حقي من الغلة فإنه يكون خارجا عنه ولم يبق له فيه حق وإن كانت منازعته لطلب حقه عملا بشرطه المطلق لأنه لو صرح به فقال على أنه ان