إذا أقرَّ رجل صحيح بأرض في يده انها صدقة موقوفة ولم يزد على ذلك صح إقراره وتصير وقفا على الفقراء والمساكين لأن الأوقاف تكون في يد القوّام عادة فلو لم يصح الإقرار ممن هي في أيديهم لبطلت أوقاف كثيرة ولا يجعل هو الواقف لها إلا ان يقيم بينة بأن الأرض كانت له حين أقر فحينئذ يكون هو الواقف لها وقبل قيام البينة بذلك يكون الرأي فيها إلى القاضي إن شاء تركها في يده وإن شاء أخذها منه ووجه قبول البينة أن يدعي رجل أنه الواقف لها فيقيم المقر بينة انه هو الواقف فتندفع خصومة المدعي وتثبت لنفسه ولاية لا يرد عليها عزل وهذا كرجل أقر بحرية عبد في يده فإنه يصح إقراره يصح إقراره بها ولا يكون له الولاء إلا أن يقيم بينة انه كان له حين الإقرار بعتقه فكذلك المقر بالوقف ان أقام بينة انه الواقف قبلت وقبلها لا تكون له الولاية قياسا وفي الاستحسان يتركها القاضي في يده وهو الذي يقسم غلتها على الفقراء ذكره في قاضيخان وذكر الخصاف وهلال ان ولايتها له ولا يقضي عليه بانتزاعها من يده حتى يعلم ان الولاية ليست له لأنها لو أخذت منه لقضى عليه بأنها لم تكن له ولم يثبت ذلك بخلاف الولاء فانه بإقراره بالعتق خرج من يده فلا يجعل له الولاء وأما الأرض فلا تخرج من يده بالإقرار بالوقف فتبقى الولاية على حالها ولو اقر انها وقف وسكت ثم قال هي وقف على جهة كذا يقبل قوله فيما قال لان من في يده شئ يقبل قوله فيه وهذا استحسان وفي القياس لا يقبل قوله الآخر لأن بإقراره الأول صارت للمساكين فلا يملك إبطاله ولو قال بعد الإقرار انا وقفتها على تلك الجهة يقبل قوله أيضا ما لم تعم بينة تشهد بخلاف ما قال ولو اقر انها وقف عليه وعلى ولده ونسله أبدا ومن بعدهم على المساكين يقبل قوله ولا يكون هو الواقف لها لان العادة جرت ان يكون الوقف عليهم من غيرهم فلو ادعي عليه بعد ذلك جماعة