قالت: أبو فلان -زوجها- له ناضحان حج على أحدهما والأخرى نسقي عليه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (فإذا جاء رمضان فاعتمر فإن عمرة فيه تعدل حجة) أو قال (حجة معي) متفق عليه فما أعظمه من فضل.
[الاعتكاف]
لغة: مأخوذ من عكف على الشي أي: لزومه والدوام عليه. ومنه قول إبراهيم عليه السلام لقومه (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون){الأنبياء: ٥٢}.أي: لها ملازمون.
شرعا: هو لزوم مسجد بنية مخصوصة لطاعة الله تعالى.
[حكمه]
مسنون ودل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقال تعالى (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ){سورة البقرة: ١٨٧}.
وأما السنة فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتف العشر الأواخر من رمضان) البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)). متفق عليه
وأما الإجماع فقد حكى الإجماع على ذلك كثير من العلماء منهم ابن عبد البر فقد قال في التمهيد (وأجمع علماء المسلمين على أن الاعتكاف ليس بواجب وأن فاعله محمود عليه مأجور فيه)
وقد قال الإمام أحمد فيما رواه عنه أبو داود (لا أعلم عن أحد من العلماء إلا أنه مسنون)
[الحكمة من الاعتكاف]
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في (زاد المعاد): (وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره وحبه، والاقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، ويصير الهمّ كلّه به، والخطرات كلّها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق، فيعده بذلك