فالمقصود بقولها (أحيا ليلها) أي: معظم ليلها. لأن الليل يتخلله العشاء والسحور وغيرهما.
وقولها (وأيقظ أهله): أي أيقظ أزواجه للقيام. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال: (سبحان الله ماذا أنزل الله الليلة من الفتنة! ماذا أنزل من الخزائن! من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) البخاري.
ولكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة.
وفي هذا دلالة أنه ينبغي على المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فيعاونه على التقوى. فقد قال جل وعلا (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) {المائدة:٢}.
[الاغتسال بين العشاءين]
وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بين الأذانين
أي: بين أذان المغرب والعشاء، في العشر الأواخر
قال ابن رجب رحمه الله في (لطائف المعارف): (ولفظ حديث عائشة: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء واغتسل بين الأذانين وجعل العشاء سحورا] أخرجه ابن أبي عاصم وإسناده مقارب. وقال منها: اغتساله بين العشاءين: وقد تقدم من حديث عائشة واغتسل بين الأذانين والمراد أذان المغرب والعشاء) انتهى
وقد روي عن السلف كذلك فعل هذا فقد قال ابن جرير - رحمه الله -: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر , وكان النخعي يغتسل في العشر الأواخر كل ليلة.
ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر , فأمر زر ابن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان.
وروي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه إذا كانت ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار ورداء فإذا أصبح طواها فلم يلبسها إلى مثلها من قبل.
وهذا يدخل في قوله تعالى (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) {الأعراف:٣١}.