وصحّحوا ما علقه جازماً به إلى من علّقه عنه، وهذا الحديث من جملة الأحاديث المعلّقة الصحيحة, ولعل البخاري لم يصرّح بسماعه منه؛ لكونه رواه عنه بالإجازة, أو في معرض المذاكرة، أو لكونه رواه عنه بواسطة بعض شيوخه الثقات، فحذفه اختصاراً، أو لغير ذلك من الأسباب المقتضية للحذف، وعلى فرض انقطاعه بين البخاري وهشام, فقد رواه عنه غيره متصلاً, عن هشام بن عمار إلخ ... بأسانيد صحيحة, وبذلك بطلت شبهة ابن حزم ومقلّده أبي تراب, واتّضح الحق لطالب الحقّ, واللَّه المستعان)).
ثم قال رحمه اللَّه: ((وإليك أيها القارئ الكريم كلام أهل العلم في هذا الحديث, وتصريحهم بخطأ ابن حزم في تضعيفه, قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري - رحمه الله - لمّا ذكر هذا الحديث, وذكر كلام الزركشي, وتخطئته ابن حزم في تضعيفه, قال ما نصّه: ((وأمّا دعوى ابن حزم التي أشار إليها - يعني الزركشي - فقد سبقه إليها ابن الصلاح في علوم الحديث, فقال: التعليق في أحاديث من صحيح البخاري قطع إسنادها, وصورته صورة الانقطاع, وليس حُكْمُهُ حُكْمَهُ , ولا خارجاً ما وجد ذلك فيه من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف, ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في ردّ ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر، وأبي مالك الأشعري عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ»، الحديث من جهة أن البخاري أورده قائلاً: وقال هشام بن عمار, وساقه بإسناده, فزعم ابن حزم, أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام, وجعله جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف, وأخطأ في ذلك من وجوه,