للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الآية (١)، وقال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} الآية (٢).

ومن أبلغ الصور وأقبحها في إلباس الحق ادعاء الكهنة والأحبار في التوراة التي بأيديهم أن هارون - صلى الله عليه وسلم - هو الذي جمع الذهب من بني إسرائيل واشترك معهم في صناعة العجل الذهبي، ووافقهم على عبادته من دون اللَّه – تعالى – وفي الوقت نفسه يبرئون السامري.

فهارون - صلى الله عليه وسلم - الذي تحمل المشاق في سبيل إقرار فرعون بالتوحيد جعلوه داعية إلى الشرك والكفر، ولكن القرآن الكريم كان لهذه الدعوى بالمرصاد، فكذبهم، وبين حقيقة الأمر (٣)، قال تعالى: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ، فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ... } إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي، قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ... } الآيات (٤)، فهذا هو الصدق حقّاً، إنما عمل لهم العجل السامري، أما هارون فنهاهم ولكنهم عصوا وكادوا يقتلونه (٥).


(١) سورة البقرة، الآيات: ٤٠ - ٤٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٧١.
(٣) انظر: الفصل لابن حزم، ١/ ٢٥٦، وهداية الحيارى لابن القيم، ص٥٨٢.
(٤) انظر: سورة طه، الآيات: ٨٧ - ٩١.
(٥) انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، ١/ ٤٥٦، وهداية الحيارى، ص٥٨٢.

<<  <   >  >>