للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النوع الثاني: كتمان الحق:]

لاشك أن اللَّه حق، ولا يقول إلا حقّاً، والتوراة التي أنزلت على موسى كلها حق؛ لأنها كلام اللَّه – تعالى – ولكن بني إسرائيل كانوا يكتمون الحق، قاصدين بذلك إخضاع كتاب اللَّه لأهوائهم وشهواتهم، فالآيات التي يرون فيها منفعة لهم عاجلة أو تكون في جانب حجتهم يقرونها، أما الآيات التي يرون أن فيها دليلاً عليهم فيكتمونها، ولهذا سجل اللَّه عليهم هذا الكتم في كتابه، فقال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} (١).

ومن أعظم ما كتمه أهل الكتاب هو ما وجدوه في كتبهم من صفات محمد - صلى الله عليه وسلم -، واختيار اللَّه له رسولاً إلى الناس أجمعين، وقد كانوا يعرفونه في كتبهم كما يعرفون أبناءهم، ولكنهم إذا سُئِلُوا عن ذلك كتموه (٢)، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٣)، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} (٤).


(١) سورة آل عمران، الآية: ٧١، وانظر: سورة البقرة، الآية: ٤٢.
(٢) انظر: تفسير البغوي، ١/ ٦٧، ١٦٢، ٣١٥، وابن كثير، ١/ ٨٥، ٩٥، ٣٧٤.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٤٦.
(٤) سورة الأنعام، الآية: ٢٠.

<<  <   >  >>