للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: حكمة القول مع النصارى]

من حكمة القول مع النصارى في دعوتهم إلى اللَّه - تعالى - أن يسلك معهم الداعية المسلم المسالك الحكيمة الآتية:

المسلك الأول: إبطال عقيدة التثليث وإثبات الوحدانية للَّه تعالى.

المسلك الثاني: البراهين على إثبات بشرية عيسى وعبوديته للَّه تعالى.

المسلك الثالث: البراهين على إبطال قضية الصلب والقتل.

المسلك الرابع: البينات على إثبات وقوع النسخ والتحريف.

المسلك الخامس: إثبات اعتراف المنصفين من علماء النصارى.

المسلك الأول: إبطال عقيدة التثليث وإثبات الوحدانية للَّه تعالى:

المقصود بالتثليث عند النصارى ثلاثة أشياء: الأب، والابن، ورُوحُ القدس.

وقالوا: الأب هو الذات، والابن هو الكلمة، وروح القدس هو الحياة (١)، ويعبرون عن ذلك بأن اللَّه - تعالى عن كفرهم - ثلاثة


(١) اختلف النصارى في تفسير هذا الكلام على أقوال:
١ - فكثير منهم يقول: الأب هو الوجود، والابن هو الكلمة، وروح القدس هو الحياة.
٢ - ومنهم من يقول: الأب هو الوجود، والابن هو الكلمة، وروح القدس هو القدرة.
٣ - وقيل: الأقانيم ثلاثة: جواد، حكيم، قادر، فقالوا: الجواد الأب، والحكيم الابن، والقادر: روح القدس.
٤ - وقيل: الذات الأب، والنطق الابن، والحياة روح القدس.
٥ - ومنهم من يعبر عن الكلمة بالعلم فيقول: موجود، حي، عالم، أو موجد، عالم، قادر.
٦ - ومنهم من يقول: موجود، حي، حكيم.
٧ - ومنهم من يقول: قائم بنفسه، حي، حكيم.
كلهم متفقون على أن المتجسد في المسيح - على زعمهم - والحال فيه هو أقنوم الكلمة، وهو الذي يسمونه الابن دون الأب، - تعالى الله عن قولهم - انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ٢/ ٩٠، ٩٤، والملل والنحل للشهرستاني، ١/ ٢٢٢ - ٢٢٨.
وفرق النصارى الثلاث: الملكانية، والنسطورية، واليعقوبية متفقون على أن معبودهم ثلاثة، ولكنهم اختلفوا في فتسير الأقانيم الثلاثة، وفي الحلول والاتحاد. انظر: الجواب الصحيح، ٢/ ٩٥، والفصل لابن حزم، ١/ ١١٠ - ١١٢، وإظهار الحق، ١/ ٥٧٦، والملل والنحل للشهرستاني، ١/ ٢٢١ - ٢٢٨، والبداية والنهاية، ٢/ ١٥٠، ودقائق التفسير، ٣/ ٣٠، وإغاثة اللهفان، ٢/ ٢٧٣.
قال ابن حزم في الفصل، ١/ ١١٢: ولولا أن الله وصف قولهم في كتابه ... لما انطلق لسان مؤمن بحكاية هذا القول العظيم الشنيع السمج السخيف، وتالله لولا أنا شاهدنا النصارى ما صدقنا أن في العالم عقلاً يسع هذا الجنون، ونعوذ بالله من الخذلان.

<<  <   >  >>