للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك القول اللين كقوله تعالى لموسى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} (١).

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخدم القول الحكيم في دعوته إلى اللَّه - عز وجل - ومن ذلك ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل رهط من اليهود على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السَّامُ (٢) عليك. قالت عائشة: ففهمتها، فقلت: وعليكم السَّامُ واللعنة! قالت: فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((مهلاً يا عائشة، إن اللَّه يحب الرّفق في الأمر كله)). فقلت: يا رسول اللَّه! أولم تسمع ما قالوا: قال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: ((قد قلت: وعليكم)) (٣).

وكان - صلى الله عليه وسلم - يستخدم ذلك حتى في رسائله، ففي كتابه إلى هرقل:

((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد رسول اللَّه، إلى هرقل عظيم الروم.

سلام على من اتبع الهدى. أما بعد:

فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك اللَّه


(١) سورة النازعات، الآيات: ١٧ - ١٩.
(٢) السام: الموت، وقيل: الموت العاجل، وقيل: تسأمون دينكم. انظر: الفتح، ١١/ ٤٢، ٤٣، ١٠/ ١٣٥.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله، ١٠/ ٤٤٩، (رقم ٦٠٢٤)، ١١/ ٤٢، ومسلم كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف الرد عليهم، ٤/ ١٧٠٦، (رقم ٢١٦٥).

<<  <   >  >>