للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} (١)، فقد بينها اللَّه تعالى أعظم بيان وأكمله وأبلغه.

(أ) فالكلمة التي ألقاها اللَّه إلى مريم هي: (كن)، فكان عيسى بـ ((كن))، وليس عيسى هو الكن، ولكن بالكن كان عيسى، فالكن من اللَّه قوله: (كن)، وليس الكن مخلوقاً (٢)، قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ* قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (٣).

ففي هذا الكلام وجوه تبين أنه مخلوق، وليس كما يقول النصارى، وذلك:

١ - قوله تعالى: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ}، وهي نكرة في سياق الإثبات يقتضي أنه كلمة من كلمات اللَّه، وليس هو كلامه كله، كما يقول النصارى.

٢ - ومنها أنه بيّن مراده بقوله: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ}، وأنه مخلوق،


(١) سورة النساء، الآية: ١٧١.
(٢) فتاوى ابن تيمية، ٢٠/ ٤٩٣، ودقائق التفسير، ٣/ ٣١، وتفسير ابن كثير، ١/ ٥٩١.
(٣) سورة آل عمران، الآيات: ٤٥ – ٤٧.

<<  <   >  >>