للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من جنس بدن الإنسان، أفلا يقدر أن يخلقه من امرأة هي من جنس بدن الإنسان؟ وهو - عز وجل - خلق آدم من تراب، ثم قال له: كن، فكان لما نفخ فيه من روحه، فكذلك المسيح نفخ فيه من روحه، وقال له: كن، فكان، ولم يكن آدم بما نفخ فيه من روحه لاهوتاً وناسوتاً، بل كله ناسوت، فكذلك المسيح كله ناسوت (١).

وقد أمر اللَّه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يُباهل النصارى على حقيقة عيسى - صلى الله عليه وسلم -، وأنه عبد اللَّه ورسوله، فقال تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} (٢).

وقد امتثل النبي - صلى الله عليه وسلم - قول اللَّه فدعاهم إلى المباهلة، فعرفوا أنهم إن باهلوه أنزل اللَّه عليهم لعنته، فأقروا بالجزية وهم صاغرون.

وهذا كله يُبيّن أن عيسى عبد اللَّه ورسوله، وأنه مخلوق، ويُبيّن أنّ النصارى بامتناعهم عن المباهلة وعن الدخول في الإسلام كانوا ظالمين (٣).

وقد بيّن - عز وجل - حقيقة عيسى، ووصفه وأمه وصفاً كاملاً لا يدع


(١) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ٢/ ٢٩٤، ودقائق التفسير لابن تيمية، ٢/ ٣٣٤، وتفسير ابن كثير، ١/ ٣٦٨.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٦١.
(٣) انظر: الجواب الصحيح، ٢/ ٢٩٥، ودقائق التفسير، ٢/ ٣٣٤، ودرء تعارض العقل والنقل، ١/ ١٩٨، وتفسير ابن كثير، ١/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>