الوجه الأول: قولهم عن عيسى: إنه أمرهم أن يبشروا بالإنجيل، فدل ذلك على أن إنجيلاً أتاهم به وليس هو عندهم الآن، وإنما عندهم أربعة أناجيل متغايرة، وليس منها إنجيل أُلِّف إلا بعد رفع عيسى - صلى الله عليه وسلم - بأعوام كثيرة، فصحّ أن ذلك الإنجيل الذي أخبر المسيح أنه أتاهم به وأمرهم بالتبشير به ذهب عنهم؛ لأنهم لا يعرفون له أصلاً، وهذا ما لا يمكن سواه.
الوجه الثاني: قولهم: إنه وعد كل من آمن بدعوة التلاميذ أنهم يتكلمون بلغات لا يعرفونها، وينفون الجن عن المجانين، ويضعون أيديهم على المرضى فيبرءون، ويحملون الحيّات، وإن شربُوا شربة قتَّالة لا تضرهم، وهذا وعد ظاهر الكذب؛ فإن ما من النصارى أحد يتكلم بلغة لم يتعلمها، ولا منهم أحد ينفي جنيّاً، ولا من يحمل حية فلا تضره، ولا من يضع يده على مريض فيُشفى، ولا منهم أحد يُسقى السم فلا يضره، وهم معترفون بأن يوحنا – صاحب الإنجيل – قتل بالسم وحاشا للَّه أن يأتي نبي بمواعيد كاذبة، وهذا دليل على تحريف النصارى وتناقضهم وتكذيبهم أنفسهم)) (١).
(ب) ومن ذلك ما جاء في إنجيل متّى أن عيسى - صلى الله عليه وسلم - دعا على شجرة تين خضراء، فيبست التينة في الحال، فتعجب التلاميذ من