للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فليحصر العبد خطراته، وأفكاره، وهمومه في هذه الأقسام الأربعة (١).

٣ - اللفظة: واللفظات حفظها بأن لا يخرج لفظة ضائعة، فلا يتكلّم إلا فيما يرجو فيه الربح والزيادة في دينه، وإذا أراد أن يتكلّم بالكلمة نظر: هل فيها ربح وفائدة أم لا؟ فإن لم يكن فيها ربح أمسك عنها، وإن كان فيها ربح نظر: هل تفوتُ بها كلمة هي أربح منها؟ فلا يضيّعها بهذه، وإذا أردت أن تستدلّ على ما في القلب فاستدلّ عليه بحركة اللسان؛ فإنه يطلعك على ما في القلب شاء صاحبه أم أبى؛ ولهذا قال يحيى بن معاذ رحمه الله: ((القلوب كالقدور في الصدور تغلي بما فيها، ومغارفها ألسنتها، فانتظر حتى يتكلم الرجل، فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه من بين حلوٍ وحامضٍ، وعذبٍ وأجاجٍ يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه)) (٢)، والمعنى أنك كما تطعم بلسانك طعم ما في القدور من الطعام فتدرك العلم بحقيقة ذلك، كذلك تطعم ما في قلب الرجل من لسانه، فتذوق ما في قلبه من لسانه كما تذوق ما في القِدْر بلسانك (٣)، فيجب على المرء المسلم أن يحفظ لسانه؛ فإن أكثر ما يدخل الناس النار: الفم والفرج، واللسان يكبّ الناس على مناخرهم في النار، وربما تكلّم الرجل بكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم أبعد ما بين المشرق والمغرب، أو يهوي بها في النار سبعين خريفاً، أو يتكلّم بكلمة من سخط الله لا يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه.


(١) انظر: المرجع السابق، ص٢٦٩ - ٢٧٦.
(٢) حلية الأولياء، لأبي نعيم، ١٠/ ٦٣، وانظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص٢٧٦.
(٣) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص٢٧٦.

<<  <   >  >>