للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شئت)) (١)، وهذا الحديث له تفسيران:

التفسير الأول: أنه للتهديد والوعيد، والمعنى من لم يستح فإنه يصنع ما شاء من القبائح؛ لأن الحامل على تركها الحياء، فإذا لم يكن هناك حياء يردعه عن القبائح وقع فيها، وهذا المعنى هو المشهور.

التفسير الثاني: أن الفعل إذا لم تستح من الله من فعله فافعله وإنما ينبغي تركه هو ما يستحي منه من الله، فالمعنى الأول تهديداً كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٢)، والمعنى الثاني: يكون إذناً وإباحة (٣).

١٤ - المعاصي تلقي الخوف والرعب في القلوب، فلا ترى العاصي دائماً إلا خائفاً مرعوباً؛ فإن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبة الدنيا والآخرة، ومن خرج منه أحاطت به المخاوف من كل جانب، فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقّه أمناً، ومن عصاه انقلبت مآمنه منه مخاوف، فمن خاف الله أمَّنه من كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء (٤).

١٥ - تُمْرِضُ القلب، وتَصْرِفُهُ عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه، وتأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان، بل الذنوب أمراض القلوب، ولا دواء لها إلا تركها، وكما أن من نهى نفسه


(١) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، بابٌ، ٤/ ١٨٣، برقم ٣٤٨٣.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٠.
(٣) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٣٢، وجامع الأصول، لابن الأثير، ٣/ ٦٢١.
(٤) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٤٣ - ١٤٤.

<<  <   >  >>