للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النوع الرابع: آثار المعاصي على الرزق:]

٣٦ [١] المعاصي تحرم الرزق، ولا شك أن الرجل قد يُحرم الرزق بالذنب يُصيبه، وكما أن تقوى الله مجبلة للرزق كما قال سبحانه: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (١)، فكذلك ترك تقوى الله مجلبة للفقر، وهذا مفهوم الآية؛ فإن من لم يتق الله لا يجعل الله له مخرجاً، ولا يرزقه من حيث لا يحتسب، وما استجلب رزق بمثل ترك المعاصي (٢).

٣٧ [٢] تُزيل النعم، فالمعاصي تُزيل النعم، وتحلّ النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، ولا حلّت به نقمة إلا بذنب، كما ذُكر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: ((ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة)) (٣)، قال الله - عز وجل -: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (٤)، وقال - عز وجل -: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} (٥)، فلا يغيّر الله تعالى نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غيَّر غُيِّر عليه جزاءً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد.


(١) سورة الطلاق، الآيتان: ٢ - ٣.
(٢) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٠٤.
(٣) المرجع السابق، ص١٤٢.
(٤) سورة الشورى، الآية: ٣٠.
(٥) سورة الأنفال، الآية: ٥٣.

<<  <   >  >>