للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: تُضعف المعصية إرادة الخير في قلب العبد، وتُقوّي إرادة المعصية، فتُضعف في قلبه إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكليّة، فلو مات نصفه لما تاب إلى الله، يأتي من الاستغفار وتوبة الكذابين باللسان بشيء كثير، وقلبه معقود بالمعصية، مصرّ عليها، عازم على مواقعتها متى أمكنه، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك (١).

الوجه الثالث: تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة، أو تعوقه أو توقفه وتقطعه عن السير، فالذنب إما أن يُميت القلب، أو يُمرضه مرضاً مخوِّفاً، أو يُضعف قوته ولابد، حتى ينتهي ضعفه إلى الأشياء الثمانية التي استعاذ منها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزَن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَعِ الدين، وغَلَبةِ الرجال)) (٢)، والمقصود أن الذنوب من أقوى الأسباب الجالبة لهذه الثمانية، كما أنها من أقوى الأسباب الجالبة لـ: ((جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء)) (٣)، ومن أقوى الأسباب الجالبة لـ: ((زوال نعمة الله،


(١) انظر: المرجع السابق، ص١١٠، وص٢٠٠.
(٢) متفق عليه من حديث أنس - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال،
٧/ ٢٠٣، برقم ٦٣٦٣، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من العجز والكسل، ٤/ ٢٠٧٩، برقم ٢٧٠٦.
(٣) متفق عليه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب الدعوات، باب التعوذ من جهد البلاء، ٧/ ١٩٩، برقم ٦٣٤٧، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، ٤/ ٢٠٨٠، برقم ٢٧٠٧.

<<  <   >  >>