للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا كَانَ ذَرِيعَة إِلَى مَعْصِيّة أُخْرَى كمن يغريه السماع بِشرب الْخمر أَو غَيره من الْفسق وَأَن الْإِسْرَاف فِيهِ مَكْرُوه. . الخ.

وَأما مَسْأَلَة النِّسَاء فأحكام الْإِسْلَام أَعلَى الْأَحْكَام وأعدلها وأفضلها فِيهَا، وَأكْثر مَا ينتقده الْعُقَلَاء الْفُضَلَاء من مسلمات المدن المحجبات بِحَق فَهُوَ من الْعَادَات، فَإِذا كَانَ طلاب تَغْيِير هَذِه الْعَادَات يحكمون الدَّلِيل فِي ترك مَا هُوَ ضار مِنْهَا وَالْأَخْذ بِمَا هُوَ نَافِع من غَيرهَا فسيرون الشَّرْع الإسلامي أقوى نصير لَهُم فِيهِ، وَلَيْسَ الْفَصْل بَين الضار والنافع فِي هَذِه وَأَمْثَاله بِالْأَمر السهل، بل هُوَ يحْتَاج إِلَى تدقيق وَبحث لاخْتِلَاف الآراء فِيهِ باخْتلَاف الْأَهْوَاء والتربية كَمَا يعلم من الْمِثَال الْآتِي:

تصدي أحد أساتذة الْمدَارِس الأميرية فِي هَذِه الْبِلَاد لامْرَأَة متزوجة يتصباها، وَكَانَ من تصبيه لَهَا أَن قَالَ لَهَا وَهِي مارة فِي الطَّرِيق مَا مَعْنَاهُ: إِن جمَالهَا قد حرم عَلَيْهِ نوم اللَّيْل، فقاضاه زَوجهَا إِلَى المحكمة الْأَهْلِيَّة طَالبا عِقَابه على تصبي زَوجته ومحاولة إفسادها عَلَيْهِ، فَحكم قَاضِي المحكمة الابتدائية بِبَرَاءَة الْأُسْتَاذ مُعَللا عمله بِأَنَّهُ من حب الْجمال الَّذِي هُوَ من الغرائز المحمودة والأذواق الصَّحِيحَة، فَكيف يعد ذَنبا يُعَاقب عَلَيْهِ القانون؟ وَلَكِن قَاضِي الِاسْتِئْنَاف عد عمله ذَنبا وَحكم عَلَيْهِ بعقوبة.

إِن تربية مُسْلِمِي مصر وَالتّرْك - وأمثالهم - مذبذبة مضطربة فِي هَذَا الْعَصْر، والتفاوت فِيهَا كَبِير، فَمنهمْ غلاة التفرنج الَّذين يسْتَحلُّونَ الْفَوَاحِش ويميلون إِلَى الْإِبَاحَة وهم الأقلون وَللَّه الْحَمد، وَمِنْهُم الجامدون على جَمِيع التقاليد العتيقة خَيرهَا وشرها، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَت منسوبة إِلَى الدّين - وَإِن خطأ - وَبَين هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ أهل الْقَصْد والاعتدال من عُلَمَاء الدّين وعلماء الدُّنْيَا، فَيجب أَن يُحَال كل مَا يُرَاد من التَّغْيِير فِي عادات الْأمة إِلَى لجان من هَؤُلَاءِ المعتدلين يبحثون فِي مَنَافِعه ومضاره من كل وَجه، ويضعون النظام لما يقررون تَغْيِيره، مراعين فِيهِ سنَن الِاجْتِمَاع باتقاء ضَرَر الاستعجال والطفرة، وَمَا يحدثان من الفوضى فِي الْأمة والتفاوت الْعَظِيم بَين أفرادها وجماعاتها، فَإِن الجيل الْحَاضِر وليد الجيل الْمَاضِي ووارثه فِي غرائزه وأفعاله وانفعالاته وعاداته، بل ينْزع بِهِ الْعرق إِلَى الأجيال الَّتِي قبله، فَإِذا حمل على ترك شَيْء مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ من الْأَفْعَال والعادات فَإِنَّمَا يسهل عَلَيْهِ من ذَلِك مَا يُوَافق الْهوى واللذة، دونما يُوَافق الْعقل والمصحلة، ثمَّ إِنَّه لابد أَن يلقِي مُعَارضَة من فريق كَبِير

<<  <   >  >>