القارئ: فإن ترك الرمي كله حتى مضت أيام التشريق فعليه دم لأنه ترك نسكاً واجبا فإن ترك حصاة أو اثنتين فعلى الرواية الأولى لا شيء عليه وعلى الثانية يخرج فيها مثل ما ذكرنا في ليالي منى وعنه من رمى بست ناسياً فلا شيء عليه فإن تعمده تصدق بشيء وإن أخر رمي يوم إلى آخر أو أخر الرمي كله إلى اليوم الثالث ترك السنة ولا شيء عليه لكنه يقدم بالنية رمي الأول ثم الثاني ثم الثالث لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي فجاز تأخيره إلى آخر وقته كتأخير الوقوف بعرفة إلى آخر الليل وإنما وجب الترتيب بالنية لأنها عبادات يجب الترتيب فيها مع فعلها في أيامها فوجب مع فعلها مجموعة كالصلوات.
الشيخ: يقول رحمه الله إن أخر رمي يوم إلى آخر أو أخر الرمي كله إلى اليوم الثالث ترك السنة ولا شيء عليه أما كونه ترك السنة فواضح وأما قوله ولا شيء عليه فالصحيح أنه يأثم وأنه لا يجوز أن يؤخر رمي يوم إلى اليوم الآخر إلا لعذر كما لو كان منزله في أقصى منى ويشق عليه أن يتردد كل يوم وكالإنسان المريض الذي يشق عليه أن يرمي كل يوم ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يرموا يوماً ويدعوا يوما فقوله رخص يدل على أن رميها كل يوم عزيمة والعجب أنهم رحمهم الله استدلوا على وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق بحديث رخص للعباس أن يبيت بمكة من أجل سقايته ولم يستدلوا بقوله رخص للرعاة أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً على وجوب الرمي كل يوم في يومه فالصواب أن الرمي كل يوم في يومه واجب إلا لعذر.
وأما قوله إنها عبادة واحدة فيقال إذاً صلاة ظهر يوم السبت وظهر يوم الأحد هل تقولون بجواز تأخير صلاة ظهر يوم السبت إلى ظهر يوم الأحد؟ لا يقولون بهذا إذاً لا يجوز تأخير رمي اليوم الحادي عشر إلى اليوم الثاني عشر.