الظاهر الثاني خصوصاً وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يشرع فيه شيئاً زائداً على العادة يعني ليس له دعاء ولا وقوف ولا شيء فهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام نزله ليكون أسهل لخروجه ولأجل أن يستريح.
فصل
(في طواف الوداع)
القارئ: ومن أراد المقام بمكة فلا توديع عليه لأن الوداع للمفارق ومن أراد الخروج لم يجز له ذلك حتى يودع البيت بطواف لما روى ابن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض متفق عليه ويجعل الوداع في آخر أمره ليكون آخر عهده بالبيت فإن ودع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة لزمته إعادته للخبر وإن صلى في طريقه أو اشترى لنفسه لم يعده لأن هذا لا يخرجه عن كونه وداعا.
الشيخ: والظاهر أن مكثه لغداء أو عشاء لا بأس به لأن هذا من جنس شراء الحاجة في طريق فلو قدر أنه طاف للوداع ثم مشى ونزل على بعض أصحابه أو أقاربه وتعشى عندهم أو تغدى ثم سافر فلا بأس أو نزل مطعماً فأكل أو شرب ثم سافر فلا بأس.
القارئ: وإن خرج ولم يودع لزمه الرجوع ما كان قريباً يمكنه الرجوع فإن لم يفعل أو لم يمكنه الرجوع فعليه دم فإن رجع بعد بلوغه مسافة القصر لم يسقط عنه الدم لأن طوافه لخروجه الثاني وقد استقر عليه دم الأول والمرأة كالرجل إلا إذا كانت حائضاً أو نفساء خرجت ولا وداع عليها ولا فدية للخبر إلا أنه يستحب لها أن تقف على باب المسجد فتدعو بدعاء المودع.
الشيخ: وهذا ليس بصحيح أعني وقوفها عند باب المسجد لأن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولما قيل له إن صفية قد أفاضت قال (فلتنفر إذاً) ولم يقل فلتذهب إلى باب المسجد وتدعو بدعاء المودع فالصواب أن المرأة الحائض أو النفساء ليس عليها وداع وتخرج بدون أن تذهب إلى المسجد الحرام فتدعو.
القارئ: وإن نفرت فطهرت قبل مفارقة البنيان لزمها التوديع لأنها في البلد وإن لم تطهر حتى فارقته فلا رجوع عليها لأنه لم يوجد في حقها ما يوجبه في البلد.