الشيخ: الصواب أن الثاني لا يملكه لكن إن علم عدوانه على المتحجر فلا شيء له فيما أنفق وإن كان لا يدري أنها مُتَحَجَّرةٌ فإنه في هذه الحال يُصلَحُ بينهما ويقال للثاني لك ما أنفقت أو يُقوَّم تقويماً والفرق بينهما أننا إذا قلنا لك ما أنفقت فإننا نعطي الثاني ما أنفقه قليلاً كان أم كثيراً، وإذا قلت بالتقويم قَوَّمْنَا الأرض قبل إدخال التعديل عليها كم تساوي وقَوَّمْنَاهَا بعده فما بين القيمتين فهو للثاني.
القارئ: وإن شرع في الإحياء وترك قال له السلطان إما أن تعمر وإما أن ترفع يديك لأنه ضيق على الناس في حق مشترك فلم يمكن منه كالوقوف في طريق ضيق فإن سأل الإمهال أمهل مدة قريبة كالشهرين ونحوهما فإن انقضت ولم يعمر فلغيره إحياؤها وتملكها كسائر الموات.
فصل
القارئ: وإذا كان في الموات معدن ظاهر ينتفع به المسلمون كالملح وعيون الماء والكبريت والكحل والقار ومعادن الذهب والفضة والحديد ومقالع الطين ونحوها لم يجز لأحد إحياؤها ولا تملك بالإحياء فعن أبيض بن حمال أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح فقطعه له فلما أن ولى قال رجل من المجلس أتدري ما أقطعت له إنما أقطعته الماء العد قال فانتزعه منه قال وسأله عما يحمى من الأراك فقال (ما لم تنله أخفاف الإبل) رواه أبو داود والترمذي.
الشيخ: قوله (ما يحمى من الأراك) يعني الشيء البعيد والأراك هو شجر المساويك فما لم تبلغه الإبل بأن كان بعيداً فإنه يُمْلَكُ وما كان قريباً فلا يملك لأن الناس فيه سواء وكل أحد يحتاجه.
القارئ: ولأن هذا مما يحتاج إليه فلو ملك بالاحتجار ضاق على الناس وغلت أسعاره وكذلك ما نضب عنه الماء من الجزائر عند الأنهار الكبار قال أحمد رضي الله عنه يروى عن عمر رضي الله عنه أنه أباح الجزائر وأنا آخذ به يعني ما ينبت فيها ولأن البناء فيها يرد الماء إلى الجانب الآخر فيضر بأهله ولأنها منبت الكلاء والحطب فأشبهت المعادن.