للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما نزل قوله تعالى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ صعد صلى الله عليه وآله وسلم على الصفا فجعل ينادى يا بنى فهر يا بنى عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل اذا لم يستطع ان يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرأيتكم لو أخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد ان تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا نعم ما جربنا عليك الا صدقا قال فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت تبت يدا ابى لهب وتب ما اغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا الآية رواه البخارى وفي رواية فيه قال يا معشر قريش او كلمة نحوها اشتروا انفسكم لا أغنى عنكم من الله شيأ يا بنى عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيأ يا عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيأ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ زاد البخارى ومسلم وغيرهما في بعض الروايات ورهطك منهم المخلصين وكان ذلك قرآنا ثم نسخ (صعد) بكسر العين في الماضى وفتحها في المستقبل (فجعل ينادي يا بني عدي الى آخره) للبغوي وغيره انه نادى يا صباحاه (أبو لهب) اسمه عبد العزى وكني بذلك لان وجهه كان يتلهب جمالا.

قال بعضهم وذلك لما علم الله انه من أهل النار ذات اللهب (أرأيتكم) أي ارأيتم والكاف للتأكيد معناه الاستخبار أى أخبرونى وفوقيته مفتوحة في الواحد والمثنى والجمع ويقال للمؤنث بكسر الفوقية والكاف وفي الجمع كجمع المذكر لكن بنون بدل الميم (لو اخبرتكم الى آخره) فان قلت لم قدم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قبل الابلاغ (قلت) جعله توطئة له وليعلم بذلك أنهم لا يتهمونه بالكذب وان كفرهم مجرد جحود (خيلا) اسم جنس لا واحد له من لفظه (بالوادي) فيه الاشارة الى قرب العذاب الذى جعل هذا مثلا له (ان تغير) بضم أوله رباعى وفي رواية صحيحة لو أخبرتكم ان العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني قالوا بلى (مصدقى) بتشديد الياء مكسورة أو مفتوحة (نعم) بفتح العين وكسرها قرئ بهما في القرآن والرواية بالفتح (تبت) أى خابت وخسرت والتباب الهلاك والخسار (يدا أبي لهب) أى هو واليدان صلة (وتب) قرئ شاذا وقد تب الاول دعاء والثاني خبر كما يقال أهلكه الله وقد فعل (رواه) من حديث ابن عباس (البخارى) ومسلم والترمذي (يا معشر قريش) المعشر الجماعة (أو) قال (كلمة) شك من الراوى اشتروا أنفسكم أى آمنوا فاشتروا بالايمان نفوسكم لا أغنى عنكم من الله شيأ معنى ذلك اني لا أنفع بمحض القرابة من لم يؤمن منكم كابى طالب وأبى لهب والتخفيف من العذاب عنهما في النار ليس هو لمحض القرابة بل لامر آخر مذكور في نص الحديث وهذا يوافق معنى قوله صلى الله عليه وسلم من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه أخرجه مسلم وغيره ولا ينافيه قوله صلى الله عليه وسلم أوّل من أشفع له يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ثم الاقرب فالاقرب من قريش ثم الانصار ثم من آمن بي واتبعنى من اليمن ثم من سائر العرب ثم الاعاجم ومن أشفع له أولا أفضل أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عمرو لان هذا فيمن تتأتى فيه الشفاعة وأما من لم يؤمن ولو كان في أعلا درجات القرب منه صلى الله عليه وسلم فليس بهذه المثابة

<<  <  ج: ص:  >  >>