للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَكَر اللهَ خَنَسَ، وإذا غَفَل وَسْوَسَ" (١).

وقال ابن القيم رحمه الله: ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرِك الذِّكرُ صَدِئ، فإذا ذُكِرَ جلاه.

وصدأُ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر؛ فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكباً على قلبه، وصداؤه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه، فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل؛ لأنه لما تراكم عليه الصدأ أَظْلَم، فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه.

فإذا تراكم عليه الصدأ واسْوَدَّ، ورَكِبَهُ الرَّانُ، فسَدَ تصوُّره وإدراكه، فلا يقبل حقاً ولا ينكر باطلاً؛ وهذا أعظم عقوبات القلب.


(١) أخرجه البخاري معلقاً في آخر كتاب التفسير، بصيغة التمريض قبل حديث (٤٩٧٧) بنحوه، وأخرجه موصولاً أبو داود في الزهد (٣٣٧)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣٥٩١٩) واللفظ لهما. وصححه الألباني في تخرجي مشكاة المصابيح (٢٢٢١).

<<  <   >  >>