للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتقوم الرتبة في كل ذلك قرينة من القرائن المتضافرة على تعيين معنى الباب, وقد سبق في إعراب "ضرب زيد عمرًا" أن كانت الرتبة فعلًا بين القرائن المستخدمة في تعيين معنى الفاعل؛ لأنه بعد الفعل بحسب الرتبة, بل إن الرتبة غير المحفوظة قد تدعو الحال إلى حفظها إذا كان أمن اللبس يتوقف عليها, وذلك في نحو: ضرب موسى عيسى, ونحو: أخي صديقي؛ إذ يتعيِّن في موسى أن يكون فاعلًا, وفي أخي أن يكون مبتدأ, محافظة على الرتبة؛ لأنها تزيل اللبس, وهي هنا تعتبر القرينة الرئيسية على الباب النحوي.

وفيما يلي تخطيط يبين الرتبة:

ويظهر أن بين الرتبة النحوية وبين الظواهر الموقعية رحمًا موصولة؛ لأن الرتبة حفظ الموقع والظاهرة الموقعية هي تحقيق مطالب الموقع, على رغم قواعد النظام كما سيكون شرحه فيما يأتي في موضعه إن شاء الله. والملاحظ أننا لو استعرضنا أقسام الكلم وربطنا بينها وبين قرينة الرتبة, فسنجد أن الرتبة تتجاذب مع البناء أكثر مما تتجاذب مع الإعراب, وتتجاذب من بين المبنيات مع الأدوات والظروف أكثر مما تتجاذب مع أي مبنًى آخر, ومع أنني أنفر من التصدي لتعليل الظواهر اللغوية أجدني مدفوعًا هنا إلى ملاحظة أن عدم وجود قرينة العلامة الإعرابية في المبنيات قد جنح بها إلى قرينة الرتبة, وجعل الرتبة عوضًا لها من العلامة الإعرابية.

<<  <   >  >>