للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الاقتراني الظرفي الذي هو زمان اقتران حدثين, والمعنى في كلتا الحالتين معنى وظيفي. أما في الطائفة الثالثة فالزمان مستفاد من اسم الوقت, والمعنى هنا معجمي؛ لأنه معنى اسم مفرد كامل الاسمية على الرغم من أن بعض ما ذكرناه من هذه الأسماء مفتقر إلى الإضافة؛ لأن هذا الافتقار غير متأصّل, فإذا أردنا أن ندرس الزمن النحوي إذًا فينبغي أن نفهمه كما شرحناه في النوع الأول, وفي مقابل ما نراه في زمان الاقتران والأوقات.

وأوضح ما يفرِّق بين الزمن والزمان, أن الزمان كمية رياضية من كميات التوقيت تقاس بأطوال معينة كالثواني والدقائق والساعات والليل والنهار والأيام والشهور والسنين والقرون والدهور والحقب والعصور, فلا يدخل في تحديد معنى الصيغ المفردة, ولا في تحديد معنى الصيغ في السياق, ولا يرتبط بالحدث كما يرتبط الزمن النحوي؛ إذ يعتبر الزمن النحوي جزءًا من معنى الفعل. فزمان الظرف كما قلنا: هو زمان حدثي فعلين لا فعل واحد، وزمان ما نقل إلى استعمال الظرف من الأسماء هو مفهوم الاسم على طريق المطابقة, وليس مفهوم الفعل على طريق التضمن إن صحَّ أن نلجأ إلى مصطلحات المنطق.

وإذا كان النحو هو نظام العلاقات في السياق, فمجال النظر في الزمن النحوي هو السياق وليس الصيغة المنعزلة, وحيث يكون الصرف هو نظام المباني والصيغ, يكون الزمن الصرفي قاصرًا على معنى الصيغة يبدأ بها وينتهي بها, ولا يكون لها عندما تدخل في علاقات السياق. فلا مفرَّ إذًا من النظر إلى الزمن في السياق نظرة تختلف عمَّا يكون للزمن في الصيغة؛ لأن معنى الزمن النحوي يختلف عن معنى الزمن الصرفي من حيث إنَّ الزمن الصرفي وظيفة الصيغة, وإن الزمن النحوي وظيفة السياق تحددها الضمائم والقرائن.

وحين نظر النحاة العرب في معنى الزمن في اللغة العربية كان من السهل عليهم أن يحددوا الزمن الصرفي من أول وهلة, فقسموا الأفعال بحسبه إلى ماضٍ ومضارع وأمر, ثم جعلوا هذه الدلالات الزمنية الصرفية نظامًا زمنيًّا, وفرضوا تطبيقها على صيغ الأفعال في السياق كما يبدو من تسمية الماضي ماضيًّا

<<  <   >  >>