للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لن يعمق نفسا، لن يشق خيالا، لن يشحذ ذهنا، لكل أن يرجع إلى نفسه، فهي منبع المعرفة منبعها الوحيد، وما أنا وغيري إلا سبل تسوق كلا إلى نفسه.

أدباء المهجر يردونني إلى تلك النفس التي نعتز بها، ولهذا أحبهم، وأنا بعد لا أبرئ نفسي من التأثر بالأدب الغربي الذي تأثر به هؤلاء الأدباء، ولكني أرجو مخلصا أن يأخذ المثقفون منا ثقافة شرقية غالبة أنفسهم بالإمعان في ذلك الأدب، فإنهم سيجدون فيه عناصر إنسانية تمسنا جميعا، شرقيين وغربيين، بل إن فيه خير ما في الشرق، فيه تلك اللهفة الروحية التي وجهت أجدادنا منذ آلاف السنين إلى رحمة الله، فيه مزيج عجيب من القوة والضعف، ذلك المزيج الذي عنه تصدر عظمة مزاجنا الشرقي. وأما خروجه على بعض موضوعاتنا الشعرية، وأما تأبيه على لغة الشعر التقليدية، وأما ركونه إلى التعبير المباشر القوي فتلك حسنات، أو أقل إنها الطريق الوحيد الذي لم يكن بد للأدب العربي الحديث من ابتهاجه؛ لكي يفلت من الصنعة إلى الصدق؛ لكي يرتد إلى الحياة.

يجب أن نطرب للجمال، يجب أن نؤمن بالصدق، وشعراء المهجر يعرفون الصدق والجمال.

<<  <   >  >>