للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقياس أصحاب هذا الرأي حقوق الله سبحانه وتعالى على حقوق العباد في جواز سماع الشهادة بالجناية المتقادمة، والعمل بمقتضاها قياس فيه نظر.

وذلك؛ لأن الإعتداء على حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، يمكن أن تقام الدعوى به حسبة، بخلاف الاعتداء على حق العبد، فالتأخير إذا كان في قيام الدعوى إذا اعتدى على حق من حقوق الله سبحانه وتعالى، مع انعدام ما يبرر التأخير، يورث شبهة، ويوجد شكا.

والحدود تدرأ بالشبهات.

كما أن الشهود لو طلبوا لأداء الشهادة بجناية حدية، وقعت على حق العبد، فتأخروا في الحضور دون سبب مقبول لتأخرهم، ثم جاءوا بعد مرور مدة تعد تقادمًا، فإن شهادتهم والحالة هذه تصبح مشوبة بشك، وشبهة، فهم متهمون -لذا، فإنه لا تثبت بها الجريمة الحدية، ولا يلزم بها عقوبة مقدرة، وكل ما يلزم بها في جريمة السرقة هو رد المال فقط، ولا يلزم بها حد في باقي الجرائم الحدية. لقيام الشبهة في الشهادة المتأخرة، هذا مع عدم تحقق التهمة بالنسبة للشهود، أما إذا تحققت التهمة، فإن شهادتهم ترد لاتهامهم بها شيء من مال، أو حد١.

ب- آراء الفقهاء في تنفيذ الحكم المتقادم:

ذهب الإمام أبو حنيفة، والصاحبان إلى أن تأخير تنفيذ الحكم بالعقوبة الحدية، التي ألزم بها الجاني نتيجة شهادة الشهود عليه بجنايته التي ارتكبها باعتدائه على حق الله تعالى الخالصة بترتب على هذا التأخير منع إقامة هذه العقوبة الحدية.


١ البحر الرائق ج٥ ص٢٢، فتح القدير ج٥ ص٢٩٧.

<<  <   >  >>