للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين السبب والنتيجة سبب آخر يصح أن يضاف القتل إليه، فإن وجد هذا السبب انقطع تأثير السبب الأول في النتيجة، وأصبح القتل مضافا إلى السبب الثاني الذي اتصلت به النتيجة.

القتل بالترك:

الخلاف الذي جرى في القتل مباشرة والقتل بسبب يجري أيضا في هذا النوع من الجريمة وهو "القتل بالترك؛ أي: الجريمة التي يكون سببها امتناع الجاني عن القيام بعمل من الأعمال يكون من شأنه لو عمله أن ينقذ حياة المجني عليه، فهي جريمة لا ترتكب بعمل إيجابي، وإنما بمظهر سلبي، وهو الامتناع عن تقديم ما ينقذ حياة الإنسان.

وفي الفقه الإسلامي ثلاثة آراء في حكم الجريمة بالترك:

الرأي الأول: وهو رأي الإمام أبي حنيفة -والذي أشرنا إليه فيما سبق١- أنه إذا حبس شخص آخر في منزل فمات المحبوس من الجوع والعطش ولا يعتبر الحابس قاتلا عمدا عند أبي حنيفة، بل ولا ضامنا لما تلف بسبب هذا الفعل؛ لأن الهلاك حصل بسبب الجوع والعطش لا بسبب إغلاق المنزل عليه، والجوع والعطش أمران لا صنع لأحد فيهما، فلا يكون الحابس قاتلا له، وإنما القاتل له هو الجوع والعطش.

أي أن الإمام يرى أن رابطة السببية بين الحبس والموت غير موجودة؛ لأن الموت لم يحدث بسبب الحبس، وإنما حدث بسبب آخر وهو الجوع والعطش، فقد تخلل بين السبب الأول والنتيجة -وهي الموت- سبب جديد أضيف الحكم إليه، وانقطعت به الرابطة بين السبب الأول والنتيجة


١ ص٥٦.

<<  <   >  >>