للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يكون صاحب السبب الأول معاقبا بعقوبة القتل المنصوص عليها في كتاب الله تعالى وسنة رسول -صلى الله عليه وسلم- وليس معنى هذا أنه غير معاقب أصلا، لا، بل إنه آثم؛ لما ترتب على فعله من الإضرار بالغير، وأيضا معاقب بعقوبة دنيوية غير مقدرة بنص، وهي عقوبة التعزير؛ أي: أن عقوبته الدنيوية تنتقل من عقوبة مقدرة بنص إلى عقوبة يقدرها الإمام بما يناسب الجرم الذي ارتكبه.

الرأي الثاني:

"وهو رأي أبي يوسف ومحمد ابن الحنفية" أنه يعتبر القتل بسبب الترك قتلا بسبب؛ لأن الترك هو الذي تسبب في إهلاك الشخص المحبوس؛ لأنه لا بقاء للآدمي إلا بالأكل والشرب، فالمنع عند استيلاء الجوع والعطش عليه يكون إهلاكا له، فأشبه حفر البئر على قارعة الطريق إذا وقع فيها إنسان فإن قتله يكون قتلا بسبب، وليس قتلا مباشرة، والقتل بسبب -عند الحنفية- يضمن فيه المتسبب دية المقتول، وإنما لم يعتبر عندهم القتل بسبب كالقتل مباشرة حتى يجب القصاص؛ لأن القتل بسببب قتل معنى فقط، والقصاص قتل معنى وصورة، فيكونان غير متساويين، والقصاص هو المساواة.

الرأي الثالث:

يرى جمهور الفقهاء "المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية والإمامية والظاهرية والإباضية"١ أن القتل بالترك كالقتل مباشرة، لا فرق بينهما


١ جاء في شرح النيل ج١٥، ص١١٩: "ومن العمد منع الطعام والشراب واللباس".

<<  <   >  >>