عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ، وقال تعالى:{وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} ، قال أبو محمد: وهكذا القول في الجائع والعاري ولا فرق١.
ومن هذا يتبين لنا أن جمهور الفقهاء يعتبرون أن جريمة القتل بالترك جريمة عمدية موجبة للقصاص؛ ولكنهم وضعوا قيودا لتوقيع عقوبة القتل العمد:
أولها: أنه لا بد من ثبوت عدم تمكن المجني عليه من الخلاص مما أوقعه فيه الجاني، فإن ثبت عدم تمكنه من الخلاص مما أوقعه فيه، بأن كان في استطاعته طلب الطعام أو الشراب، ولم يطلبه فإنه يكون قاتلا لنفسه فيكون هدرًا.
ثانيها: أن يكون الجاني متعديا في امتناعه عن تقديم ما كان المجني عليه محتاجا إليه مما أدى إلى موته بسبب هذا الامتناع، بشرط ألا يتخلل بين الامتناع والنتيجة سبب جديد يصح إضافة النتيجة إليه، فإن لم يكن متعديا فإنه لا يكون قاتلا عمدا، وقد بينا فيما سبق الجزاء الذي يلحق الجاني في كل من الحالتين.
ثالثها: أن تكون مدة المنع كافية لقتل الشخص غالبا، وهذا القيد هو أحد أركان الجريمة العمدية كما سبق أن أوضحنا؛ إذ لا بد وأن تكون الجناية قد ارتكبت بما يقتل غالبا أو عادة حتى تكون عمدا.
ومن هذا يتبين لنا رأي الفقه الإسلامي في الجريمة بالترك أو الجريمة السلبية، من ناحية العقوبة الدنيوية. وأما العقوبة الأخروية، فإنها تشمل هذه الصور كما تشمل الصور الأخرى التي لا تتوافر فيها أركان الجريمة عمدا، فالشريعة الإسلامية قائمة على جلب المصلحة ودفع الضرر، فكل ما يجلب