الجريمة تستدعي وجود فعل من الجاني من شأنه إحداث الموت، ولا يهم بعد هذا نوع الوسيلة التي استخدمها الجاني لإحداث الموت، كما لا يشترط أن يكون القتل حاصلا بيد الجاني مباشرة، كما لو ضربه بسلاح أو بجسم ثقيل، أو بضربة في مقتل، أو بالخنق، بل يكفي أن يكون الجاني قد أعد وسائل الموت وهيأ أسبابه، حتى ولو بقي الموت بعد ذلك معلقا على حكم الظروف، فيعد قاتلا من يضع للمجني عليه في طعامه مواد قاتلة، ومن يسلط على المجني عليه تيارا من غاز الكربون، ومن يحفر لآخر حفرة في طريقه، ومن يقطع جسرا يعلم أن المجني عليه سيعبره، ومن يرمي غيره في البحر، قاصدا بكل ذلك قتله إذا وقع الموت فعلا١.
وإنما يشترط فقط أن يكون الفعل في ذاته من شأنه إحداث الموت، وأن يكون بين الفعل والموت الحادث رابطة السببية، فإذا لم يكن من شأن الفعل إحداث الموت كان فعل الجاني من قبيل الجرائم المستحيلة ولا عقاب عليه، بل ولا محل لاعتباره شروعا في قتل؛ لأن الشروع لا يعاقب عليه "على الأقل عند أصحاب نظرية الجريمة المستحيلة" إلا إذا كان الفعل من شأنه إحداث الجريمة المقصودة إذا تم التنفيذ، فالذي يصوب سلاحا ناريا فارغا لا يمكن أن يرتكب جريمة القتل، ولا يعاقب على فعله باعتباره شروعا، كذلك لا يعد قاتلا من يستخدم السحر والتعازيم بنية إحداث القتل؛ لأن هذه الوسائل ليس من شأنها في نظر العلم أن تؤدي إلى الموت، ولو مات المجني عليه عقب ذلك مصادفة واتفاقا، بل ولا يعد الجاني في هذه الحالة شارعا في قتل؛ وذلك لأن الجريمة تكون تصورية أو وهمية (Put Atif) لا وجود لها إلا في مخيلة مرتكبها دون أن يحس من عداه بعنصرها المادي المكون لها، والذي لا خطر منه على المجني عليه ولا ضرر.