للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحديد رابطة السببية التي يشترط وجودها بين فعل الجاني وحادث القتل اختلف فيه شراح القانون في فرنسا وإنجلترا وألمانيا ومصر ... ، والرأي السائد في مصر وفي فرنسا يميل إلى مساءلة الجاني على نتائج فعله ولو كانت غير مباشرة، وما دامت تلتئم والسير العادي للأمور، وبعبارة أخرى: أنه إذا تداخلت عوامل أجنبية عن فعل الجاني في تحقيق النتيجة التي يعاقب عليها القانون؛ فإنها لا تنقطع علاقة السببية بين فعله والنتيجة إلا إذا كانت شاذة غير متوقعة، ولا تلتئم مع السير العادي لها.

ومن أمثلة العوامل المألوفة التي لا تقطع علاقة السببية مرض المجني عليه أو شيخوخته إو إهماله في العلاج إهمالا عاديا، أو خطأ الجراح خطأ عاديا فيه، ومن أمثلة العوامل الشاذة التي تقطع -على العكس مما تقدم- رابطة السببية بين فعل الجاني ووفاة المجني عليه: إهمال المجني عليه إهمالا فاحشا في حق نفسه، أو امتناعه عن العلاج دون عذر مقبول، أو عدم امتثاله لأمر الطبيب بملازمة الفراش، أو خطأ الجراح خطأ جسيما في معالجته أو وفاته من اصطدام عربة الإسعاف أثناء نقلها إياه، أو من شبوب حريق بالمستشفى الذي نقل إليه، أو من إصابته بمرض معد، أو من اعتداء لاحق عليه غير الاعتداء الأول١.

موقف الفقه الإسلامي مما قرره شراح القانون:

لقد أوضحنا فيما تقدم٢ أن الفقهاء يقسمون فعل القتل باعتبار تأثيره تأثيرا مباشرا في إحداث النتيجة أو تأثيره بواسطة إلى قسمين: القتل مباشرة والقتل بسبب، وبينا آراءهم في كل قسم منهما وفي الوسائل المستخدمة، ورجحنا أن كلا منهما مساوٍ للآخرة في الحكم كما هو رأي جمهور الفقهاء.


١ جرائم الاعتداء على الأشخاص للدكتور رءوف عبيد ص٣٦، ٣٧.
٢ راجع ص٧٩.

<<  <   >  >>