للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكننا بالمقارنة بين الفقهين أن نقول: إن شراح القانون لم يخرجوا عما نص عليه فقهاء الفقه الإسلامي، فقد قرروا:

١- أن القتل مباشرة كالقتل بسبب، كل منهما يعتبر قتلا عمدا إذا توافرت في الجريمة الأركان الأخرى، ذلك ما قرره شراح القانون.

٢- أن الوسائل المستخدمة في القتل كلها متساوية ما دامت تقتل عادة، وهذا ما قاله شراح القانون.

٣- أنه لا بد من قيام رابطة السببية بين الفعل والنتيجة، فأما إن كان القتل مباشرة، فقد صرح الفقهاء جميعا بأنه لا بد من اتصال الفعل بالنتيجة -وهي الموت- ولا عبرة في هذه الحالة بطول المدة أو قصرها ما دام تأثير الفعل مستمرا لم ينقطع ببرء أو بفعل آخر يجعل بالنتيجة، فإذا جرحه جرحا فاستمر زمانا ومتألما منه مدة -طالت أم قصرت- حتى مات، كان قاتلا عمدا إذ لم تحدث له علة أخرى غير الجرح؛ لأن العمد لا يختلف مع اتحاد الآلة والفعل بسرعة الإفضاء إلى النتيجة أو إبطائه، ولأن في البدن مقاتل خفية، وهذا له سراية فأشبه الجرح الكبير١، وكذلك لا عبرة بجسامة الفعل أو ضآلته ما دام مثله يقتل هذا الشخص الذي وقع عليه الفعل عادة، فلو ضرب إنسان ضعيفا بيده فقتله، وكانت هذه الضربة لا تقتل الصحيح كان قتلا عمدا، كما نقلنا آنفا عن الشافعية والحنابلة والإمامية٢، بل إن الحنابلة صرحوا بعدم سماع دعوى الجاني أنه كان لا يعلم أن هنا الشخص مريض.


١ كما صرح بذلك الحنابلة والإمامية ص٢٦-٣٦، وأيضا نص على ذلك الشافعية فإنهم قد اعتبروا من القتل عمدا ما لو غرز إبرة "مثلا" في مقتل أو غيره وتألم حتى مات. حاشية البرماوي ص٣٨٠.
٢ راجع ص٦١، ٦٤، ٧٣.

<<  <   >  >>