للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إن كان القتل بسبب فقد بينا أن الفقهاء قد اشترطوا ألا يفصل بين الفعل والنتيجة سبب آخر يصح إضافة الحكم إليه؛ كي يكون القتل عمدا موجبا للقصاص، وقد وضحنا بالأمثلة الأفعال التي يمكن أن تقطع الرابطة بين الفعل والنتيجة، والتي لا تقطع١.

وهذا ما نص عليه شراح القانون.

٤- أن يكون الفعل من الأفعال التي تقتل عادة، وقد وضح الفقهاء أنه إذا لم يكن الفعل مما يقتل غالبا وعادة فإنه لا يكون عمدا، وإنما يكون شبه عمد إن كان مما يقتل نادرًا، ومصادفة قدر إن كان لا يعقل كونه قاتلا لا غالبا ولا نادرًا، كما لو ضربه بشيء صغير جدا كالضرب بالقلم أو الإصبع في غير مقتل ونحوه، أو مسه بشيء كبير -مما يقتل غالبا- مسا، ولم يضربه به٢.

وما قرره الفقهاء في هذا الشأن لم يخرج عنه شراح القانون إلا في اعتبار السحر عند بعض الفقهاء من الأفعال التي تؤثر في إحداث القتل كما صرح الشافعي والحنابلة فيما تقدم٣، ومسألة السحر للعلماء فيها رأيان٤:


١ راجع ص١١.
٢ راجع الفصل الثالث من هذا الباب، الخاص بجريمة شبه العمد، فقد وضحنا فيه أنواع الآلات المستخدمة في القتل وحكم كل نوع منها.
٣ راجع ص٦٠، ٦٧.
٤ للعلماء رأيان في السحر؛ أحدهما: أن للسحر حقيقة، وأنه تقتدر به النفوس البشرية على التأثير في عالم العناصر، إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية، وإلى هذا ذهب جمهور من علماء أهل السنة.
الثاني: أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو خداع وتمويه وتخيل، وإلى هذا ذهب المعتزلة وبعض أهل السنة ومنهم أبو جعفر الاستبرابادي من الشافعية، وأبو بكر الرازي من الحنفية، وابن حزم الظاهري، وطائفة من العلماء لمعرفة أدلة الطرفين. يراجع القرطبي ج٢، ص٤٦، وأحكام القرآن للجصاص ج١، ص٤٦ ط. أ.

<<  <   >  >>