للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأي يرى أن له تأثيرا ماديا، ورأي آخر لا يرى السحر إلا خداعا وتمويها وليست له حقيقة، وعلى الرأي الأول إذا تعمد الساحر قتل شخص بسحره، فقد قيل: يقتل حدا؛ لأنه مفسد في الأرض، وقيل: يقتل قصاصا١.

ولكن علينا أن نتساءل بعد ذلك: لو أن شخصا ممن يدعون السحر أثر في إنسان ضعيف الإرادة وهيأ له من الأمور، وجسم له من الخيالات ما يفزعه ويقلقه ويجعله في حالة ذعر دائم حتى قضى عليه، ألا يكون مثل هذا العمل مسئولا عنه صاحبه مسئولية تستوجب معاقبته؟ لا شك أنه مسئول، وما الفرق بين هذا وبين ما نص عليه شراح القانون -أثناء عرضهم لبعض وسائل القتل- أنه يعتبر قاتلا عمدا إذا ألقى نبأ مؤلما بغتة على شيخ مريض بقصد قتله٢، أو وضع طفلا صغيرا في حالة ذعر للقضاء عليه؟ لافرق بينهما؛ لأن حالة المجني عليه في كل هذه الصور تسمح بتأثير هذا العمل فيه تأثيرا يحدث هلاكه، إلا أنه يلزمنا أن نثبت العمل المادي الذي قام به الجاني إزاء المجني عليه، وما إذا كان هذا العمل مما يقتل مثل هذا الشخص غالبا، كما إذا كان مريضا بمرض لا يحتمل معه القلق والاضطراب النفسي الذي أحاطه به هذا الساحر! فإذا ثبت هذا كان مسئولا عن عمله مسئولية تستوجب عقابه.


١ راجع كشاف القناع للحنابلة ج٣، ص٣٣٦.
٢ راجع جرائم الاعتداء على الأشخاص للدكتور رءوف عبيد ص١٥.

<<  <   >  >>