يختلف شراح القانون في الجريمة التي ترتكب بالترك أو بالامتناع عن القيام بعمل، كما لو امتنعت الأم عمدا عن إرضاع طفلها قاصدة قتله:
الرأي الأول: يذهب فريق من شراح القانون إلى عدم إمكان ارتكاب الجرائم بالترك؛ وذلك لأن الترك عدم، والعدم لا ينشئ إلا العدم، فلا يكن أن يبنى موجود على معدوم، أي أنه لا يمكن أن يكون العدم سببا لنتيجة إيجابية، فالمسئولية والعقاب لا محل لهما في هذه الحالة لانعدام رابطة السببية بين الترك والجريمة الواقعية.
مقارنة هذا الرأي بالفقه الإسلامي:
هذا الرأي يكاد يقترب من رأي الإمام أبي حنيفة في الجريمة بالترك -كما سبق أن أوضحنا١- من حيث إسقاط عقوبة القتل العمد، وهي القصاص فقط؛ لأن القتل تم بسبب آخر غير الترك، فلا يكون الترك قتلا عمدا، ولكن الإمام يجعل العقوبة في مثل ذلك هي التعزير -وهي عقوبة يقدرها القاضي المجتهد بما يناسب الجرم والمرتكب- فضلا عن أنه آثم وله عقابه الأخروي، ومن هنا يفترق هذا الرأي عن رأي الإمام.
والرأي الثاني: يرى شراح القوانين في إنجلترا وألمانيا والكثيرون في فرنسا وبلجيكا أن القتل بالامتناع يعاقب عليه كالقتل بفعل إيجابي سواء بسواء؛ وذلك لأن الترك نفسه يصلح سببا للجريمة؛ لأن الفعل والترك كلاهما من صور الإرادة الإنسانية العاملة، غير أنهم يشترطون لمساءلة الجاني