للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه الموت منسوبا إليه وصادرا عن إرادته، أما إذا كان غير صادر عن إرادته، وكل ما ينسب إليه هو امتناعه عن تدارك أمر أو حالة لم يكن له دخل في حلولها فلا محل للمساءلة والعقاب، فالخفير الذي يمتنع عن مساعدة شخص يقتله لصوص على مرأى منه لا يعاقب ولو كان مريدا للنتيجة؛ لكن الواجب معاقبة عامل الإشارات "المحولجي" الذي يمتنع عمدا عن تحويل خط السكة الحديدية قاصدا بذلك إحداث الموت، فينشأ عن امتناعه تصادم يؤدي بحياة المسافرين١.

مقارنة هذا الرأي بالفقه الإسلامي:

لقد سبق أن أوضحنا تفصيلا رأي جمهور الفقهاء في الجريمة بالترك، وبينا مساواتها للجريمة بعمل إيجابي في العقوبة، وبينا الحكم إذا كان الترك يمثل امتناعا عن الوفاء بحق أوجبه الشرع أو أوجبه العقد، أو تقضي به المروءة، كما بينا الفرق بين نظرة الشريعة ونظرة القوانين، فيرجع إليه٢.

الركن الثالث: القصد الجنائي؛ وهو وجود نية القتل عند الجاني:

يجعل شراح القانون في مصر من أركان الجريمة عمدا نية القتل عند الجاني؛ إذ إنه بدون هذه النية يختلط القتل العمد مع الضرب المفضي إلى الموت، أو الشروع فيه مع الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، ويكون القصد الجنائي متوافرا ما دام للفاعل قد ارتكب الفعل بنية إحداث الموت لغيره عالما بأن هذا الفعل مميت.

ويستوي في هذا كون القصد محددا، كما لو نوى إزهاق روح شخص


١ راجع شرح قانون العقوبات للأستاذ أحمد أمين ص٣١٤.
٢ راجع ص١٠٥.

<<  <   >  >>