للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعل بعض الجرائم الخطرة على المجتمع غير خاضعة للتغيير أو التبديل، أوالزيادة أو النقصان لرقي باعث أو خبثه؛ حفظا لمقومات حياتهم، وتحقيقا لمصالحهم، ومن حفظ دين أو نفس أو مال أو عرض أو عقل، كما جعل بعض الجرائم غير الخطرة على المجتمع قابلة للتأثر بالباعث على ارتكاب الجريمة، زيادة أو نقصانا؛ لأن آثارها على المجتمع أخف وطأة وأقل تأثيرا.

أما القوانين الوضعية فبعضها يجعل البواعث من الظروف القضائية، فيجيز للقاضي أن يقدر العقوبة الملائمة من بين الحدين الأعلى والأدنى المنصوص عليهما للعقوبة، وله في كثير من الأحوال أن يختار إحدى العقوبتين، فيقدر كمها طبقا لما يرى أن الجاني يستحقه، مراعيا في تقديره ظروف الجريمة والمجرم والبواعث التي دفعت لارتكابها، فيخفف العقوبة إذا رأى الجاني يستحق التخفيف، ويغلظها إذا رآه يستحق التغليظ، وبهذا يكون للباعث أثره العملي على العقوبة، وهذه هي طريقة القانون الفرنسي والقانون المصري.

وهناك بعض القوانين التي تجعل البواعث من الأعذار القانونية كالقانون الإيطالي واليوناني والإسباني، فتجعل من الباعث ظرفا مخففا أو مشددا للعقوبة، ويلزم القاضي مراعاة هذا الباعث عند تقدير العقوبة، وهذه القوانين وإن كانت تعترف بأن للباعث أثرا قانونيا على العقوبة إلا أنها من الوجهة العملية لا تصل إلى أكثر من النتائج التي تصل إليها القوانين التي لا تعترف بالباعث من الوجهة النظرية؛ لأن القاضي لا يستطيع عملا أن يتخلى دائما عن تقدير العقوبة، سواء اعتبر الشارع البواعث أو لم يعتبرها.

وكل ما يعيب هذه الاتجاهات القانونية أنها سوت بين جميع الجرائم،

<<  <   >  >>