للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج- أثر الباعث على الجناية:

لا أثر للباعث في إسقاط القصاص الواجب في التمثل العمد أو تحفيفه في الفقه الإسلامي، فإذا وقع القتل عدوانا وظلما على الوجه الذي بيناه كان الباعث عليه راقيا، كالطبيب الذي يشفق على مريض يعرف أنه ميت حتما ويريد ألا يطيل فترة آلامه فيقتله، أو كان الباعث خبيثا "كالذي يقتل غيره" حقدا وكرها أو عداوة وغضبا.. كلا الاثنين يعتبر قاتلا عمدا ما دامت شروط هذا القتل قد توافرت فيه.

وكذلك لا أثر له في الحدود؛ لأنها عقوبة مقدرة شرعا، ويجب تطبيقها كما وجبت عند استيفاء شروطها، ولا يملك قاض أو غيره أن يخففها أو يسقطها إلا بما فتحه المشرع من أبواب يتحقق فيها ذلك، وليس من بينها الباعث على ارتكابها.

ويمكن أن يعتد بالباعث والغاية في عقوبة التعزير؛ لأنها عقوبة ترك تقديرها للإمام على ضوء حالة الجاني، وظروف الجناية، والباعث على ارتكابها، وما تحققه العقوبة من ردع وزجر، سواء وجب التعزير في جناية لها حد مقرر لم يستوف شروطه، أو في جناية على النفس عمدا في حالة سقوط القصاص بسب عفو أو غيره.

فتقدير هذه العقوبة يمكن أن يؤثر فيه الباعث على الجناية كما وكيفا، بخلاف العقوبات المحددة من قبل الشرع.

ومسلك الفقه الإسلامي في هذا الاتجاه هو مسلك فريد؛ حيث إنه

<<  <   >  >>