للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- ويمكن أن يجاب بأنا لا نسلم ظهور كون المراد بـ"من يقتل" "المتسحل"؛ لجواز أن يكون المراد بالخلود المذكور في الآية المكث الطويل، وقد بين هذا المفسرون.

جاء في القرطبي ج١، ص٢٤١: الخلود البقاء، ومنه جنة الخلد، وقد تستعمل مجازا فيما يطول، كما جاء فيه أيضا ج٥، ص٣٣٥: والخلود لا يقتضي الدوام، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} ، وقال تعالى: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} .

وقال زهير:

الا لا أرى على الحوادث باقيا ... ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا

وهذا كله يدل على أن الخلود يطلق على غير معنى التأبيد، فإن هذا يزول بزوال الدنيا، وكذلك العرب تقول: "لأخلدن فلانا في السجن"، والسجن ينقطع ويفنى، وكذلك المسجون، ومثله قولهم في الدعاء: "خلد الله ملكه وأبد أيامه" أي: طوله.

ولئن سلم كون المراد بمن يقتل المستحل -كما ذكر في الكتب الكلامية وفي التفاسير أيضا- فالآية دالة على عظم تلك الجناية، كما تدل على تحقيق الإثم في قتل المؤمن عمدا بدون الاستحلال أيضا، وإلا لما لزم من استحلاله الخلود في النار.

ومما يدعم القول بعظم جناية القتل العمد من المؤمن أو غيره ما جاء في الأحاديث:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم".

<<  <   >  >>