١- قد أجمع على أن الآية نزلت في مقيس بن صبابة، وذلك أنه كان قد أسلم هو وأخوه هشام بن صبابة، فوجد هشاما قتيلا في بني النجار، فأخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فكتب له إليهم أن يدفعوا إليه قاتل أخيه، وأرسل معه رجلا من بني فهر، فقال بنو النجار: والله لا نعلم له قاتلا، ولكنا نؤدي الدية، فأعطوه مائة من الإبل، ثم انصرفا راجعين إلى المدينة، فعدا مقيس على الفهري، فقتله بأخيه، وأخذ الإبل وانصرف إلى مكة كافرا مرتدا، وجعل ينشد:
قتلت به فهرًا، وحملت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع
حللت به وتري وأدركت ثورتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا أؤمنه في حل ولا حرم"، وأمر بقتله يوم فتح مكة وهو متعلق بالكعبة".
فإذا ثبت هذا فلا ينبغي أن تحمل على المسلمين، ويكون التخليد حينئذ للقاتل غير المسلم.
٢- وإذا قلنا: إن سبب النزول لا يخصص عموم الأية فيمكن أن يجاب بأن المراد بـ"من يقتل" في الآية "المستحل للقتل" بدلالة قوله تعالى: {خَالِدًا فِيهَا} ؛ فقد روي عن ابن عباس أنه قال في تفسير:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} أي: "متعمدا مستحلا لقتله"، واستحلال القتل يؤدي إلى الكفر إجماعًا١، وبذلك التفسير يكون القتل بدون الاستحلال خارجا عن مدلول الآية، فلا يخلد المؤمن القاتل في النار؛ لأنه غير مستحل للقتل.