للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ١ بالقتل عمدا، فقالوا: التقدير "ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء إلا القتل عمدًا".

والصحيح -وهو مذهب أهل السنة- أن الله تعالى يقبل توبة القاتل إذا تاب للأدلة الآتية:

لقوله تعالى: {الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ٢، وقوله: {هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} ٣، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ٤، فجعله داخلا في المشيئة، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ٥.

وأما آية النساء فهي مطلقة، وآية الفرقان مقيدة بالتوبة، والمطلق يحمل على المقيد، فيكون المعنى: "فجزاؤه جنهم خالدا فيها.. إلا من تاب"، لا سيما وقد اتحد الموجِب للعقاب، وهو القتل، والموجَب وهو التواعد بالعذاب في الآيتين.

والأخبار تؤيد هذا؛ منها حديث عبادة بن الصامت الذي قال فيه: "تابعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن أصاب شيئا من ذلك فهو كفارة، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه" أخرجه الصحيحان.


١ الآية ١١٦ من سورة النساء.
٢ الآية ١١٤ من سورة هود.
٣ الآية ٢٥ من سورة الشورى.
٤ الآية ٤٨ من سورة النساء.
٥ الآية ٥٣ من سورة الزمر.

<<  <   >  >>