وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن رجلا قتل مائة رجل ظلما، ثم سأل: هل له من توبة؟ فدل على عالم، فسأله، فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة، ولكن اخرج من قرية السوء إلى القرية الصالحة فاعبد الله فيها، فخرج تائبا فأدركه الموت في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث الله إليهم ملَكا، فقال: قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فاجعلوه من أهلها، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بشبر فجعلوه من أهلها" ١ أخرجه مسلم، ولأن التوبة تصح من الكفر فمن القتل أولى.
الجزاء الأخروي لقاتل نفسه عمدا:
الأصل في هذا الجزاء ما ورد في السنة النبوية، ومنها:
ما روي عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدًا" الحديث.
وما روي في حديث جندب البجلي من قوله الله تعالى على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- في رجل قتل نفسه:"قال الله تعالى: بادرني عبدي، حرمت عليه الجنة" وقد تقدم نص الحديثين.
فقد نصت السنة على أن عقوبة قاتل نفسه عمدا هي الخلود الأبدي في النار وتحريم الجنة عليه، وإذا قارنا هذه العقوبة بعقوبة قاتل غيره عمدا، تبين لنا الفارق الكبير بين العقوبتين؛ إذ عقوبة قاتل غيره هي الخلود في النار، دون أن ينص على تأبيد خلوده فيها، مما فتح بابا للرجاء في أن يبقى بها المدة التي يشاؤها الله تعالى ثم يدخل الجنة، عند جمهور العلماء -كما بينا