وقد ذكر أصحاب الرأي الأول أن قتل المحارب الذي لم يقتل منفي بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس". وقد أجيب عن هذا بأنه قد روي عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، ورجل قتل رجلا فقتل به، ورجل خرج محاربا لله ولرسوله فيقتل، أو يصلب، أو ينفى من الأرض".
محل الخيار للإمام:
بين أصحاب هذا الرأي محل الخيار للإمام إذا لم يصدر من المحارب قتل، أما أن صدر منه قتل فإنه يقتل وجوبا، ولو كان الشخص المقتول كافرا، أو عبدا، أو كان للمحارب، عفا الولي أم لم يعفُ.
الخيار أساسه تحقيق المصلحة:
الخيار الذي أعطي للإمام في توقيع أي عقوبة من هذه العقوبات على المحارب ليس حقا مطلقا للإمام يرى فيه ما يرى؛ وإنما هذا الخيار مرده إلى تحقيق المصلحة العامة، فإذا كانت المصلحة تحتم توقيع إحدى العقوبات لم يكن للإمام مخالفتها، ولا توقيع غيرها، فهو خيار في أول الأمر؛ ولكنه إيجاب لإحدى العقوبات التي توجبها المصلحة في نهاية الأمر.
الترجيح:
ونرجح الأخذ بالرأي الثاني لرجحان أدلته، ولأنه يحقق المصلحة العامة؛ إذ إنه يمكن للدولة من تحديد العقوبة التي تلائم هذه الطائفة من