للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآلة المستعملة في الجناية قاتلة قطعا أو غالبا أو نادرا، وكون الجاني مكلفا أو غير مكلف، أبا للمجني عليه أو غير أب، إلى ما فصلناه فيما تقدم في أركان الجريمة العمد، وشروط استيفاء القصاص.

وكذلك الأمر بالنسبة للجراح لا بد من التحقق من كونه عمدا أم خطأ، وكون الجرح من الجراح التي يقتص منها أو لا يقتص منها؛ أي: أن حقوق العباد يرجع في أحكامها إلى قواعدها الأساسية، كما لو لم تكن جريمة المحاربة موجودة إطلاقا، ومعنى هذا أن المشرع الحكيم قد رفع عن الجاني التائب قبل القدرة عليه الآثار المترتبة على الظروف المشددة التي أحاطت بالجريمة فنقلتها من دائرة حقوق العباد إلى دائرة حقوق الله تعالى، وبذلك عادت الجريمة إلى دائرة الجريمة العادية؛ أي: إلى مجموعة الجرائم التي منح المشرع الحكيم للعبد فيها سلطانا، وإذا عادت الجريمة إلى حالتها الأولى عدنا إلى تكييف الجناية حسب القواعد المقررة لها، فإذا تم تكييفها ترتب على ذلك منح صاحب الحق كل الحقوق التي قررها المشرع لكل من يعتدي على حقه بهذه الكيفية.

وبهذا يتبين لنا أن هذه التوبة ليست عفوا شاملا لكل آثار الجريمة؛ ولكنها عفو عن بعض آثارها، وهو الجانب الذي يتعلق به حق العامة، وليس معنى هذا أن القصاص لا يتعلق به حق العامة، بل يتعلق به، ولكن


= قدامه في مقابلة رأي القاضي، ولئن قيل: ما الفائدة حينئذ من توبته قبل القدرة عليه؟ قلنا: إن الفائدة واضحة، وهي أنه أصبح غير مطارد ولا مطلوب قضاء، وأنه ينتفع بكل ما جاء من تخفيف في إيجاب هذه الحدود، سواء من حيث إثباتها، أو من حيث مقدارها، وإن تساوت النتيجة وهي القتل، كما لو كان زانيا محصنا تحت الإكراه "فإن مثله لا يستحق التخفيف" فنرجو أن تكون توبته رافعة لإثم فعلته في الآخرة.

<<  <   >  >>