للمال المدفوع:"دية" تسمية للمفعول بالمصدر، كالخلق بمعنى المخلوق، والدية اصطلاحا: اسم للضمان المالي الذي يجب بالجناية على الآدمي أو على طرف منه، وقد سمي هذا الضمان بالدية؛ لأنها تؤدي عادة إلى المجني عليه أو وليه، وقلما يرجى فيها العفو لعظم حرمة الآدمي.
ثانيا: من تجب الدية في ماله وكيفية أدائها:
لقد اتفق الفقهاء على أن دية القتل العمد تجب في مال القاتل دون سواه؛ وذلك لما روي عن ابن عباس مرفوعا قال:"لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا"، ولم يعرف له في الصحابة مخالف فيكون كالإجماع، وكذلك روي عن عمر قال: مضت السُّنة أن العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد إلا أن تشاء، رواه مالك، ولأن الدية بدل متلف، وبدل المتلف يجب على المتلف كقيمة المتاع، وأرش الجناية يجب على الجاني، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يجني جان إلا على نفسه"، وقال لبعض أصحابه حين رأى معه ابنه:"ولدك هذا؟ " قال: نعم، قال:"أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه"، ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني فيجب أن يختص الجاني بضررها كا يختص بنفعها، فإنه لو كسب شيئا كان كسبه له دون غيره، وقد ثبت حكم ذلك في الجنايات والأكساب، وإنما خولف هذا الأصل في قتل الخطأ؛ لأنه معذور، وهو من قبيل المواساة والتعاون بسبب العذر الذي صاحب الجناية -وهو الخطأ- أما القاتل عمدا فإنه غير معذور، فيلزم ألا يواسَى ولا يساعد حتى لا يؤدي هذا إلا تكرار القتل منه، وبذلك يتفشى الفساد.
كيفية أدائها: أداء الدية إما أن يكون حالا أو مؤجلا منجما أو غير منجم، وللفقهاء ثلاثة آراء:
الرأي الأول: يرى جمهور الفقهاء "الحنفية -إذا كانت عن صلح- والمالكية والشافعية والحنابلة والزيدية" أنها تجب في مال القاتل حالة، غير مؤجلة ولا منجمة؛ وذلك لأن ما وجب بالقتل