الرأي الثاني: يفرق الحنفية بين الدية التي تجب بالصلح فيجعلونها حالة في مال القاتل، وبين التي تجب بسقوط القصاص بشبهة، كما إذا قتل الأب ابنه عمدا، فإنها تجب في مال القاتل في ثلاث سنين، وذلك قياسا على القتل الخطأ وشبه العمد من حيث إن الدية في كل وجبت بنفس القتل، والقتل خطأ أو شبه عمد فيه الدية مؤجلة فكذلك القتل عمدا.
الرأي الثالث: يرى الإمامية أن دية العمد يجب أداؤها في سنة واحدة، ولا يجوز تأخيرها عنها بغير رضى المستحق، ولا يجب عليه المبادرة إلى أدائها قبل تمام السنة.
ونرى رجحان الرأي الأول -وهو رأي جمهور الفقهاء- لرجحان أدلته، ولأن في تنجيم الدية أو تأجيلها تخفيفها على القاتل عمدا، وهو لا يستحق مثل هذا التخفيف الذي استحقه القاتل خطأ؛ لأن القاتل خطأ واضح العذر، والقاتل شبه عمد أيضا معذور؛ لأن قصد القتل غير متكامل في شبه العمد؛ إذ إنه ضربه بما لا يقتل غالبا، فأفضى هذا الضرب إلى قتله من غير اختيار منه فأشبه الخطأ.
ثالثا: أجناس الدية ومقاديرها:
لقد وردت الآثار بأجناس من الأموال التي تدفع دية -وهي: الإبل، والذهب، والفضة، والبقر، والغنم، والملابس- ولقد اختلف الفقهاء في كون الإبل أصلا في الدية والباقي بدلا عنها، أم أن الكل أصل فيها.
أما الإبل: فقد أجمع أهل العلم على أن الإبل أصل في الدية، وأن دية الحر المسلم مائة من الإبل، وقد دل على هذا الأحاديث الواردة ومنها حديث عمرو بن حزم الذي فيه:"وإن في النفس الدية مائة من الإبل ... " ١.
١ ونورد الحديث هنا تاما لأهميته في باب الديات: عن عمرو بن =