من حقوق الله تعالى الكفارة، وهي عقوبة فيها معنى العبادة، وشرعت تكفيرا للمذنب، ومحوا للجرم، وتقربا إلى الله تعالى، وهذا النوع من العقوبة بالنسبة لجريمة القتل جعله الله ماليا أولا، وهو إعتاق رقبة مؤمنة، وعتق هذه الرقبة ملائم للجريمة، ومناسب لتكفير الذنب؛ لأنه لما كان الرق موتا والحرية حياة كان إعتاق الرقبة إحياء لنفس أخرى عوضا عن النفس المقتولة، فإن لم يجد هذه الرقبة لضيق ذات اليد أو لعدم وجودها كان عليه أن يصوم شهرين متتابعين، كما نص على ذلك قوله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ١ إلا أنه لما كان النص قد أوجب هذه الكفارة في القتل الخطأ ولم يوجبها في القتل العمد، اختلف الفقهاء في إيجابها في القتل العمد إلا ثلاثة آراء:
الرأي الأول: يرى الشافعية والإمامية إيجاب الكفارة في القتل العمد وشبه العمد والخطأ، سواء كان القاتل مكلفا، أو صبيا، أو مجنونا، حرا أو عبدا، مسلما أو ذميا، واحدا أو جماعة، وسواء كان المقتول مسلما أو ذميا، حرا أو عبدا لنفسه أو لغيره، أو جنينا، وقد استدلوا على ذلك بالكتاب والسنة والقياس.