بكل عضو منها عضوا منه من النار" "رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره"١، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قد أمرهم بأن يعتقوا رقبة عن هذا للقاتل الذي استحق النار بالقتل، واستحقاقه للنار لا يكون إلا بالقتل العمد، فدل هذا على إيجاب الكفارة في القتل العمد.
وأما القياس: فقالوا: إنها تجب في القتل العمد قياسا على القتل الخطأ؛ لأن الحاجة إلى التكفير في العمد أمس منها إليه في القتل الخطأ؛ لأن الكفارة لستر الذنب، والذنب في العمد أعظم، ومثل العمد القتل شبه العمد.
الرأي الثاني: يرى المالكية أن الكفارة تندب للحر المسلم إذا قتل جنينا أو قتل شخصا عمدا ولم يقتل به لعفو أو لعدم مكافأة.
الرأي الثالث: يرى الحنفية والحنابلة والزيدية والثوري وأبو ثور: أنه لا تجب الكفارة في القتل العمد، سواء كان موجبا للقصاص أو غير موجب له "خلافا للزيدية في القتل غير الموجب للقصاص"، واستدلوا بالكتاب والقياس.
أما الكتاب: فقد بين الله تعالى عقوبة القتل الخطأ بقوله: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} ، كما بين عقوبة القتل العمد بقوله جل شأنه:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} وقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وقد خصص الإجماع عقوبة القصاص بالقتل عمدا، فلما كان كل واحد من القتيلين -في العمد والخطأ- مذكورا بعينه ومنصوصا علي حكمه لم يجز لنا أن نتعدى ما نص الله تعالى عليه فيهما؛ إذ إنه لا يجوز قياس المنصوصات بعضها على بعض، فلا يصح أن نوجب في القتل العمد كفارة قياسا على القتل الخطأ.