الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، بينما يرى الفقه الإسلامي أن عقوبته هي القصاص الذي يكون لصاحبه الحق في العفو عنه، على التفصيل الذي بيناه.
ولا شك أن رأي الفقه الإسلامي أنجع في علاج الجرائم من علاج القانون؛ وذلك لأن السجن عقوبة لا تلائم نوع الجناية التي ارتكبت، فإن الجناية أفظع وأشد، إنها قتل نفس بغير حق، فإذا أوجبنا فيها هذه العقوبة ما كان ذلك محققا لعدالة العقاب؛ وبالتالي لا يشفى غليل أهل المجني عليه، ومن هنا يتكاثر ارتكاب الجرائم ويتفشى.
وهذا ما عالجته الشريعة الإسلامية، فمن حيث عدالة العقاب أوجبت القصاص حتى يذوق الجاني نفس الكأس الذي أذاقه لغيره، ويتجرع المرارة التي جرعها لغيره، ولا شك أن هذا المسلك في العقوبة أكثر ردعا وزجرا؛ إذ به تتحقق الحياة لنفوس كثيرة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} .
ومن حيث شفاء غليل أهل المجني عليه جعل المشرع الحكيم لهم الحق في استيفاء القصاص أو العفو عنه إلى الدية أو مجانا، أما العقوبات الأخرى فإنها لا تتعلق على رضاهم، وهذا المسلك هو خير طريق لإزالة الأحقاد من النفوس، وجعل الجروح تندمل على خلايا صحيحة، فإنهم إن عفو عنه إلى الدية كان منة وفضلا يطوق عنق الجاني وأهله طيلة حياتهم، وإن عفوا عن الدية أيضا كانت المنة أكثر والفضل مضاعفا ... وكأن الجاني في حقيقة الأمر قد ولد من جديد، وكأن أهله هم أهل المجني عليه..
إذن فالعقوبة في الشريعة الإسلامية قد روعي فيها جانب العدالة مع جانب الرحمة والرأفة، مع جانب تنمية العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية بين الناس جميعا في آن واحد.. فمن استوفى حقه كان غير ملام؛ لأن هذا المنطق هو منطق العدل، ومن عفا كان متفضلا مشكورا، والمتفضل له أجره في الدنيا والآخرة، وبهذا المسلك الخالد في وضع العقوبة تزول الرواسب التي تفسد العلاقة بين الجاني وأهله والمجني وأهله، وبذلك يتم أفضل لقاء وأعدل علاج..
إلا أنه مع هذا فإن الشريعة الإسلامية جعلت للدولة -ممثلة في الإمام- حقا آخر تباشره قِبَل القاتل الذي